حمزة الشاطر ج2

قاطعه الشيخ منتهرا اياه
-اغرب عني ولا ترني وجهك..الا وولي أمرك معك.
فتحرك حمزة مبتعدا..وتولى عنهم مرغدا مزبدا..ولكنه نكص عن المضي الى بيته رأسا..لخوفه من أن يخبر أمه فتأسى..أو تسخط فتقول له سحقا لك و تعسا..فحج شطر السوق..ليتملي بمنظر الجمال و النوق..يحذوها رجال أشداء..لا يشكون نصبا أو عناء..أو هجيرا أو رمضاء..وقد انتظم عقدها ..واكتمل عدها..في قوافل لا أول لها و لا آخر..منها الوارد الى السوق و منها الصادر..ماضية الى أو قافلة من بلدان بعيده..خارقة صحاري وفيافي عديده..فلا جرم أن أصحابها يحملون أخبارا جديده..فمنهم القادم توا من الصين..أرض النهر الصفر والتنانين...ومنهم من زار موطن الهنود..مروضي الفيلة و الثعابين و القرود...ومنهم من حل بخراسان..أرض القباب ذات الألوان..وفيهم من وطئ أرض البربر..وهم شعب حمي لايقهر..ومنهم من حط عصا الترحال بدولة الروم..حيث يناجز المصارعون الليوث في الكوليزيوم..وكانت هذه الأخبار ..عن تلك الأمصار..تخلب لب حمزة الشاطر..وتحمله بأجنحتها الى أرض الخيال الساحر.
وهكذا أمضى سحابة النهار .. متحلقا حول رواة القصص و الأخبار..حتى أدركه التعب و الفتور..فترك السوق و تسلق السور..وفي سطح كوخ هجره القوم..استسلم لسنة من النوم..ولم يفق الا على صوت قوم يتهامسون..وتحت جناح الطلام يتخافتون..وكان الليل قد حل..والهلال في كبد السماء هل..فلام نفسه على طول سباته..وتفويته لأوقات صلاته..ثم أطل على القوم المتناجين..وعدهم فألفاهم نيف و أربعين..وكان يراهم و يسمعهم وهم عنه غافلين..ولعمري لو رأوه لكانوا في حياته من الزاهدين..اذ كانت عيونهم تكاد تقدح نارا و شرر..وكانت جلودهم أغلظ و أخشن من الوبر..ووجوههم على صفة الشيطان لوتجلى وحضر..فعلم أنهم ليسوا من ساكني هذا المدر..بل هم ياللهول من المغول أو التتر..فارتاع فؤاد حمزة ارتياعا..وكاد قلبه يطير شعاعا..و للقصة بقية ياأحبابي..فناموا فقد كدت أفقد صوابي.
هههههه

يتبع

بارك الله فيك

شكرا لمرورك